عميد قافلة شريان الحياة وأسطول الحرية يستذكر جرائم الاحتلال الاسرائيلي
عمان (بترا) منذ وعى الحياة لم تفارق الشيخ إسماعيل نشوان الذي ولد قبل نحو تسعين عاما في قرية الدوايمة في فلسطين المحتلة صور أبناء قريته من الشيوخ والشباب الذين قتلوا بالمئات على أيدي الجنود الصهاينة الذين حطموا رؤوس الأطفال بالهراوات أمام أمهاتهم قبل ان يقتلوهن كذلك .
الشيخ نشوان والمعروف بعميد قافلة شريان الحياة وأسطول الحرية يتذكر دائما مجزرة أبناء قرية الدوايمة التي وقعت بعد أداء صلاة الجمعة وأهلها منهمكون في أسواقهم وأشغالهم وحقولهم عندما داهمهم على حين غرة الجنود الاسرائيليون وحاصروهم حيث لجأ أهالي القرية إلى الكهوف خوفاً من بطش اليهود الذين لاحقوهم وقتلوهم داخل كهوفهم وفي المساجد والمنازل.
يحتضن الشيخ اصغر طفل تركي على اسطول الحرية ودموع الألم تتحجر في مقلتيه كحبات الجمر تحت رماد الأيام وغضب يزمجر كلما استذكر مشهد ذاك الطفل الفلسطيني الرضيع من أبناء بلدته الذي قتل وهو يرضع من صدر أمه فاخترقت الرصاصة رأسه وصدر أمه فقتلتهما معا والطفل يلثم الثدي وبقايا الحليب تسيل على جانبي فمه.
الشيخ نشوان هو جبل من الصبر وبركان من الكفاح لم تهزه رصاصات قوات الاحتلال وهي تعترض السفينة لأنه لم يخف منها عندما كان فتى صغيرا في قريته بل اعطته قوة وعزيمة كبيرة لتبقى أمنيته أن تروي دماؤه ارض بيارته التي سلبت قبل نحو ثلاثة وستين عاما لتصبح امنيته نيل الشهادة على ارض فلسطين التي طالما انتظر لقاءها ،لذلك لم يتردد الشيخ الوقور بان يكون أول من لبى نداء العودة مع قافلة شريان الحياة واسطول الحرية لكسر الحصار عن أبناء غزة ويلتحق به أحب أبنائه عليه طالبا الشهادة هو الآخر لا يهاب مقابلة العدو.
الشيخ إسماعيل كان اكبر أهل القافلة سنا لكنه أمضاهم عزيمة وإرادة وإصرارا على كسر الحصار وكان على يقين بأنه سيلاقي عدوه الذي لا يرحم صغيرا ولا كبيرا ،عدو متعطش للدماء وكان على يقين بان ركاب السفينة المسالمين سيتعرضون للقتل وكان سعيدا بان فلذة كبده يشاركه نفس الامنية (الفوز بالشهادة )،بعد أن ودع أهله الوداع الأخير في منطقة البنيات في عمان.
الشيخ إسماعيل يساوي جيلا من الشباب الجامح للشهادة بما يحمله من تحد للحصار وآلة الدمار الموجهة إلى صدره منذ ثمانين خريفا وهو يتوسد الصبر وينام على جمر الانتظار وتتأجج في أعماقه نار الألم والثأر لكنه لم يغلق منافذ الأمل في العودة أو نيل الشهادة دفاعا عن الأرض والعرض ليغرس هذه القيم في ضمير أبنائه لتكون مشاركته في القافلة بوابة امل كونها متجهة إلى ارض فلسطين الطهور مع خمسمائة من أبناء الأمة الإسلامية والعربية والإنسانية المؤمنين بحق الشعب الفلسطيني بالعيش بحرية وكرامةوالعودة إلى وطنه.
وتسجل عيون هذا الشيخ الجليل مرة أخرى مشاهد أخرى للغطرسة الإسرائيلية المتعطشة للدماء على حد تعبيره عندما اعترضت قواتها السفينة مرمرة وبدأت بإطلاق النار بكل الاتجاهات لتقتل كل من يتحرك فوق السفينة ،وتأتي أوامر القبطان التركي بإنزال كبار السن والأطفال إلى أسفل السفينة ،ويحشر الشيخ اسماعيل معهم ، ثم اخذ صوته يعلو مكبرا ، الله اكبر ولله الحمد، ويسبح ويهلل فرحا معتقدا أن فلذة كبده من بين الشهداء الذي تبين فيما بعد بانه شخص اخر يشبه ولده.
يردد الشيخ اسماعيل بشكل دائم بانه يتوق "لشمة هواء واحدة من سماء فلسطين وقطاع غزة" ، وانه رغم كل القهر الذي واجهه خلال رحلته إلا انه كانت السعادة تغمره وهو يرى الشباب التركي يسارعون للشهادة دون خوف وبكل تحدي لآلة الموت الإسرائيلية يشاطره ذلك الكثير من المؤمنين بحق الشعوب بالحياة الكريمة.
ويستذكر الشيخ إسماعيل لحظة دخلت القوات الإسرائيلية السفينة وهي تقتل وتعتقل التي تشبه الافعال التي ارتكبتها قوات الاحتلال بمجزرة الدوايمة عام 1948 ، عندما قيدوا الرجال الذين تم الإمساك بهم بالحبال والسلاسل وقادوهم كما تقاد الأغنام ووضعوهم في أحد المنازل ومنعوا عنهم الماء ثم فجروا المنزل بالديناميت على رؤوسهم ،لكن هذه المرة تختلف عن سابقتها لان العالم كله كان يشاهد تفاصيل الحدث.
ويؤكد الشيخ إسماعيل بأنه وشقيقه المسيحي على ارض السفينة تحدوا تلك القوات حيث كان يجمعهم حب الأرض والإصرار على الشهادة ، والايمان بالعودة مادامت النساء يلدن رجالا مؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية.
التاريخ : 06-08-2011